بشارة العذراء مريم

في جميع التقاليد المسيحية، تلعب مريم دورًا مهمًا كامرأة التي وَلَدَت ابن الله في صورة بشرية في بيت لحم. ولهذا تتضمن تواريخ الكنائس المختلفة سلسلة كاملة من "أعياد مريم"، التي يُحتفل فيها بأحداث محددة من حياة مريم. ومن بين هذه الأعياد عيد "بشارة والدة الإله"، الذي يُحتفل به في 8 ديسمبر من كل عام. ويستند تحديد هذا التاريخ إلى ملاحظة أن مدة الحمل لدى المرأة عادةً ما تكون تسعة أشهر—ولهذا تم حساب تاريخ الاحتفال ليكون قبل عيد ميلاد مريم في 8 سبتمبر بتسعة أشهر. ويعود اختيار هذا اليوم في السنة على الأرجح إلى يوم تدشين كنيسة القديسة حنة، والدة مريم، في القدس، التي دُشّنت في 8 سبتمبر.

ويُعطى عيد "حبل والدة الإله" دلالات مختلفة في التقاليد المسيحية المختلفة. ففي الكنائس الأرثوذكسية ذات التقليد البيزنطي، يُستند إلى النص غير القانوني المعروف باسم *إنجيل يهوذا الأول* (*Protoevangelium of James*)، الذي يرجح أنه ظهر في منتصف القرن الثاني. ويصف النص، فيما يتعلق بالإعلان عن ميلاد يسوع لمريم في الأناجيل القانونية، كيف أن آنا ويوحيم، والدا مريم، كانا بلا أولاد فتوجها إلى الله طالبين مولودًا. ثم أرسل الله ملاكًا ليعلن لهما أن الله استجاب لطلبهما، فتعهدا بتسليم الطفل للكهنة في الهيكل في القدس لينشأ هناك بين العذارى. وهكذا، تهيئ التقاليد الشرقية الخلفية الكتابية التي تؤكد أن مريم، كعذراء، ستحمل طفلًا.

ومن الشرق، يبدو أن الاحتفال دخل إلى الكنيسة اللاتينية، حيث اكتسب دلالة عقائدية مختلفة. ففي عام 1854، أصدر البابا بيوس التاسع العقيدة الكاثوليكية في روما بأن مريم وُلدت بلا خطيئة. وكان الهدف من هذا المرسوم التعبير عن أن والدة الإله كانت حرة من "الخطيئة الأصلية"، التي حسب تعاليم آباء الكنيسة اللاتينية، مثل القديس أوغسطينوس، تنتقل من جيل إلى جيل. وبالنسبة لهذا العيد الكنسي، كان يُمنع النساء سابقًا من العمل في 8 ديسمبر. وحتى اليوم، يُعتبر 8 ديسمبر عطلة عامة في النمسا وليختنشتاين والكانتونات الكاثوليكية في سويسرا، وكذلك في إيطاليا وإسبانيا ومالطا.